٢٦ قانون اقتصادي مستخرج من القرآن الكريم
1. الزكاة كوسيلة لإعادة توزيع الثروة
تضمن الدولة الإسلامية من خلال نظام الزكاة التوازن الاقتصادي والاجتماعي بمنح جزء من أموال الأغنياء للفئات المستحقة كالفقير والمسكين والغارم وابن السبيل.
﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: 60).
2. الحث على الإقراض الحسن كبديل عن الربا
تشجيع الإقراض دون فوائد (القرض الحسن) لدعم الاقتصاد الحقيقي وتخفيف معاناة المحتاجين بعيدًا عن الربا الذي يُضر بالنظام الاقتصادي.إنه ليس مجرد دَين، بل هو علاقة إنسانية تزرع الثقة وتنبت البركة. عندما تقرض محتاجاً دون منٍّ أو أذى، فكأنما تزرع بذرة في أرض الله الخصبة.الدليل القرآني:
﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ (الحديد: 11).
3. وجوب توثيق الديون بالكتابة
ليست مجرد إجراء قانوني، بل هي حماية للمحبة بين الناس. فالكتابة تحفظ الحقوق دون أن تقتل المشاعر. فكم من نزاع بين الأهل و الأحباب حدث لعدم وجود وثيقة مكتوبة.
الدليل القرآني:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ (البقرة: 282).
4. العدل في الكيل والميزان (منع الغش)
النهي عن التطفيف:
﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ﴾ (الإسراء: 35). كل غش في الميزان هو خدش في ضمير الأمة. التجارة النظيفة ليست مجرد ربح مادي، بل هي ربح روحي وأخلاقي.
عقوبة الغش:
﴿وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ﴾ (المطففين: 1).
5. التعاون الاقتصادي على البر والتقوى عندما تصبح الأيدي جسراً للخير يدعو الإسلام إلى تأسيس اقتصاد تعاوني مبني على القيم الأخلاقية والتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع. الاقتصاد القرآني لا يؤمن بالمنافسة القاسية، بل بالتعاون المبارك حيث ينتفع الجميع.
الدليل القرآني:
﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة: 2).
6. الإنفاق الخيري كدعامة اقتصادية زيادة على الزكاة
الحث على الإنفاق السري والعلني كآلية لتنشيط الاقتصاد، وتخفيف الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين الناس. أجمل المعاملات هي التي لا يراها إلا الله. إنها الاقتصاد الذي يتحول إلى عبادة خالصة لله.
الدليل القرآني:
﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾ (البقرة: 274).
7. منع الأذى والمنِّ في الصدقات
ضمان نقاء العملية الاقتصادية والاجتماعية عند التبرع أو الإنفاق، دون جرح مشاعر الفقراء أو ابتزازهم بالمنِّ عليهم.
الدليل القرآني:
﴿قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى﴾ (البقرة: 263).
8. تحريم أكل الأموال بالباطل (كالرشوة والفساد المالي):
﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾ (البقرة: 188).
كل مال يأتي من طريق مشبوه هو مال مسموم، وإن بدا حلو المذاق. 9. تحريم الاكتناز وتعطيل المال بدلاً من الاستثمار الاقتصادي:
﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (التوبة: 34).
10. العدل في التعاملات الاقتصادية العامة
إقامة العدل كمبدأ أساسي في كل المعاملات الاقتصادية، سواء في توزيع الثروات أو في التعاملات التجارية بين الناس.
الدليل القرآني:
﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ (النحل: 90).
11. عدم استغلال المحتاج أو المعسر
الحفاظ على كرامة الفقير والمعسر، وعدم استغلال حاجته أو ضعفه في المعاملات الاقتصادية، والتشجيع على العفو عنه أو مساعدته.
الدليل القرآني:
﴿وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ (البقرة: 280).
12. العلم والمعرفة في الاقتصاد
القرآن يشجع على التعلم واكتساب المعرفة في جميع المجالات، بما في ذلك الاقتصاد.
الآية: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (الزمر: 9)
فضل العلم وأهميته في تطوير الحياة الاقتصادية والاجتماعية. فأعظم استثمار هو في العقل البشري.
13. الوفاء بالعقود والالتزامات (حماية المعاملات)
الوفاء بالعقود:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ (المائدة: 1).
كتابة العقود:
﴿وَاكْتُبُوهُ... وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا﴾ (البقرة: 282).
14. الإنفاق المعتدل (عدم البخل أو الإسراف) كقانون اقتصادي واضح وصريح:
﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا﴾ (الفرقان: 67)
15. تشجيع العمل والكسب الحلال
الحث على السعي والعمل بدلاً من الاتكال على الآخرين.
﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ﴾ (الملك: 15).
16. النهي عن إهدار الموارد دون فائدة.
﴿وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ (الإسراء: 26–27).
17. وجوب إخراج الحق المالي المرتبط بالإنتاج الزراعي في وقته، دون تأخير، بما يحقق التكافل الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
﴿كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ (الأنعام: 141).
18. يجب أن تُبنى النظم الاقتصادية على أسس من العدل والمساواة في الفرص، تضمن لجميع طبقات المجتمع إمكانية الوصول إلى الموارد والفرص دون تمييز طبقي.
﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (الحديد: 25). العدالة هي هدف أساسي للتشريع الإلهي، ويجب أن تنعكس في كل نظام حياتي، ومنه النظام الاقتصادي."
19. العدالة في التوزيع و منع تجمع و احتكار المال بيد الأثرياء
تحقيق التوازن في توزيع الثروات لمنع التفاوت الطبقي
الآية:
﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ﴾ (الحشر: 7)المفهوم:
منع احتكار الثروات بأيدي فئة معينة.
20. ضمان حقوق العمال والأجور
إعطاء الأجور دون تأخير أو ظلم.
الدليل:
﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ﴾ (الأعراف: 85).
بخس الناس أشياءهم يشمل:
نقص الأجور
تأخيرها
التحايل في العقود
تحميل العامل ما لا يطيق
21. يُحرم الدخول في المعاملات الاقتصادية التي تقوم على الجهالة أو المخاطرة الشديدة في العواقب، كالمقامرة أو العقود المبنية على الحظ، ويجب أن تبنى العقود والمعاملات على الوضوح والشفافية وعدالة التبادل.
الدليل:
﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ (المائدة: 90).
22. تشجيع التجارة الدولية أو ما بين المدن و ما بين الأمم مع العدل.
لقوله تعالى
﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾ (المزمل: 20).
الإسلام يبيح ويشجع على التبادل التجاري بين الشعوب، بشرط أن يكون مبنيًا على العدل، والرضا، وعدم الظلم أو الاستغلال.
و قال تعالى ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: 13) التعارف بين الأمم يشمل التبادل الاقتصادي والثقافي.
23. الحفاظ على الموارد الطبيعية. يجب على الإنسان استخدام الموارد الطبيعية بطريقة مسؤولة ومتوازنة تضمن استمرار نفعها للأجيال القادمة، وتمنع التلوث والهدر والإتلاف..
الدليل:
﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا﴾ (الأعراف: 56).
الإفساد في الأرض": يشمل كل أنواع الضرر بالبيئة، والثروات، والمجتمع.
"بعد إصلاحها": أي بعد أن أصلحها الله بالأنظمة الكونية، والموارد الطبيعية، والماء، والتوازن البيئي، أو أصلحها الناس بالتعمير والعمل الصالح.
24. مفهوم الاستخلاف الاقتصادي (الإنسان مستخلف في الموارد وليس مالكًا مطلقًا لها)
﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ (الحديد: 7). فما كان الإنسان مستخلفاً فيه يجب أن يكون حذراً و يعمل بعقل و تدبير فيه.
25. مفهوم الادخار الاستراتيجي (التخطيط للمستقبل الاقتصادي)
﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا...﴾ (يوسف: 47–49)
آيات سورة يوسف في قصة إدارة الموارد والتخطيط الاقتصادي لمواجهة سنوات الأزمة.
26. حماية المال العام ومنع الفساد الاقتصادي والإداري (كقانون اقتصادي إداري)
﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ (آل عمران: 161).
أحبابي رواد الحكمة والمعرفة،إنه ليس نظاماً للمعاملات فحسب، بل هو نظام للحياة الكريمة."وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" (الحشر:7)
اذا وصلت الى هنا و أنت تقرأ فأنت من محبي الله و رسوله حقاً فهنيئاً لك. أدعوا الله أن يشفع لنا الرسول و القرآن الكريم يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتى الله بقلب سليم. تحياتي و احترامي لكم.
هدى شبيري الخاقاني
(قلم يسعى لاستنباط الحكمة من كتاب الله)