السؤال الرابع: الله أمر الملائكة بالسجود بقوله :( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين؟ فلماذا الشيطان اعتبر نفسه داخلا في الأمر؟
هنا نكتة مهمة يجب إن نقولها قبل البحث و هي موضوع السجدة : هل السجدة تعني بالتأكيد وضع الجبهة على الأرض ؟ طبعا لا
السجدة تعني الخضوع و التبعية و لا تعني العبادة كما هو واضح ،
قال تعالى وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا
ليس كل المخلوقات لديها جبهة حتى تضعها على الأرض كما للإنسان و نحن لا نعلم ما شكل الملائكة و الجن حتى نتخيل إن لهم جبهة و يسجدون كما نسجد
و هناك بلايين من المخلوقات بأشكال مختلفة في السماوات و الأرضين لا نعلم كيف سجودها لكن أغلب الآيات عندما تذكر السجود و كأنها تشير إلى الخضوع لله و هنا كأن الله يطلب من الملائكة و إبليس الخضوع لآدم
الآن نكتب السؤال بشكل مختلف ، لماذا يطلب الله تعالى من الملائكة و إبليس الخضوع لآدم عليه السلام
أراد الله أن يُفهم الملائكة و الجن أن سيرهم نحو الحق تعالى لا يكون سريعا الا عن طريق معلم و هذا المعلم هم الأنبياء فلو اتبعوا أنبياء الله فهو خير لهم و إلا آدم عليه السلام ماذا يستفيد من سجدتهم و خضوعهم غير أنه أصبح مسؤولا و معلماً ، في عاتقه تعليم الإنس والجن والملائكة أجمعين و لهذا سجودهم له ما جعل آدم يتكبر لأن آدم عليه السلام عرف منزلته أنه يجب إن يكون المعلم لهم
و بعد ذلك علم الله آدم الأسماء كلها و الأسماء و كأنها حقائق مهمة كانت تخفى على الملائكة و لعلنا لسنا نحن بمستوى أن نُدرك معاني تلك الأسماء لأننا لسنا أنبياء و لهذا السبب إكتفى الله بقوله علمهم الأسماء من دون ذكر التفاصيل و لكن عندها عرفت الملائكة أنهم تعلموا من آدم عليه السلام أمور لم يكونوا يستطيعون أن يتوصلوا إليها بدونه .
فكانت مرتبة الملائكة و الجن قد وصلت إلى مرحلة لكي يتكاملوا يحتاجون إلى معلم جديد و لم يكونوا قادرين إن يأخذوا من الله مباشرة التعليمات و لهذا رحمة بحالهم الله جعل لهم آدم لكي يعلمهم
لا ننسى هنا أن الله إختبر الملائكة و الجن باختبار عظيم فما هو هذا الإختبار:
أراد الله أن يرى إذا طلب منهم شيئا و لم يحيطوا به علماً هل سيصدقون الله لعلمه الأزلي و اللا محدود أم سيظنون أنفسهم يحيطون بكل شيء علما.
هنا نجح الملائكة و علموا بأنهم لا يحيطون بعلم الله فيجب أن يكون لهذا الإنسان ميزة حتى يطلب الله منهم الخضوع له
نتعلم شيء مهم من اختبار الملائكة : و هو إن الله اذا طلب منا شيئا و تأكدنا بأنه أمر مولوي من الله هل نقتدي به حتى و لو لم نكن مقتنعين و عارفين بحقيقة الأمر فهل نقتدي حتى يُظهر الله لنا الخفايا للأمور
و هل إذا جاءت شبهة على الإسلام و على الحقائق الأكيدة هل ستهزنا الشبهة و نخرج من الصراط المستقيم أم أننا سنبدأ بالبحث عن الاجابة الصحيحة وعن الخفايا لكي نعلم فوائد الأوامر و النواهي فنحن كمسلمين نعتقد بأن الأوامر و النواهي الإلهية هي لمصلحتنا نحن و هي تابعة للمصالح والمفاسد فكل أمر لمصلحة لنا و كل نهي لمفسدة على حياتنا او على حياة الآخرين
فقبل إن ندخل بشبهات كثيرة ترد على الإسلام علينا إن نطلب من الله إن يُظهر علينا فوائد الأوامر و النواهي ثم نبدأ بالبحث حتى يترسخ الموضوع بأدلته و لا يكون مجرد موروث اخذناه من عائلتنا و يتزلزل لشبهات تطرأ في كل زمان.
ثم اختبر الله ابليس فسقطع بالإمتحان الإلهي
فقد رأى بأنه خُلق من نار و قد خلق الله الإنسان من الطين و ظن إن النار لفوائدها العظيمة اهم من الطين و الطين اعتبرها انزل منازل الأرض و لم يُدرك إن الإنسان جامع شتات عالم الامكان ففيه الروح من عالم النور و فيه المادة و فيه من عالم البرزخ و له العقل
ـأولا: أن العبادة لوحدها لا توصلنا إلى المراتب العالية و لكننا نحتاج إلى الأنبياء و المعارف الحقيقية للكمال
ثانيا: إن العبادة لوحدها من دون معارف قد أوصلت ابليس إلى التكبر و هذا ما نراه ايضا في كثير من يظنون أنفسهم متدينون يصلون إلى مرحلة يظنون أنفسهم مصيبين في كل شيء فيتوقفون عن الكمال و المعرفة و يطالبون الله بظنهم و كأنهم قد منوا على الله لصيامهم او صلاتهم
ثالثاً و التكبر يأتي بالحسد فقد حسد ابليس ادم على خلافته على الأرض في حين كان الجن و قبيله أقدم على وجه الأرض فظنوا انهم يستحقون الخلافة لقدم زمانهم
و الحسد دفع ابليس للانتقام من آدم وذريته إلى قيام يوم الدين
و في نكتة مهمة إن الجن ليس لديهم أنبياء و هم تابعون لأنبياء الإنس لقوله تعالى ( قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30)
ثانياً: الله أمر الملائكة بالسجود بقوله :( و اذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى و استكبر و كان من الكافرين؟ فلماذا الشيطان اعتبر نفسه داخلا في الأمر؟
لأن الملائكة هم أعلى منزلة و هم من لا يعصون الله فيما أمرهم لقوله تعالى : ( لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) سورة التحريم و لأن الملائكة و هم أعلى مرتبة و معصومون من الخطأ أمروا بالسجود فالجن و هم الأقل شأناً داخلين في الموضوع لا محاله,
كمثال لتقريب الذهن : الحكومة عندما تأمر الوزراء بالقيام عند دخول الملكة مثلا هل فقط الوزراء يقومون ام كل من هناك من الذين تحتهم منزلة من الوكلاء و المدراء و غيرهم ؟طبيعي عندما يؤمر الأعلى بالتنفيذ الأدنى داخل في الأوامر
و لهذا لم يتردد الشيطان و بادر بقوله أأسجد لمن خلقت طينا ، اعتبر نفسه داخل الامر الإلهي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق