قال لي رجل نصراني في الجامعة لماذا انتي مسلمة و الإسلام قد سمح بضربك بنص قرآني
حينما كنت في الجامعة في أمريكا قال لي رجل عربي نصراني إذا كان الرجال مسلمين فسأعطيهم الحق فالإسلام دين ذكوري و لكنني استغرب لماذا النساء مسلمات و قد أهانك الإسلام حتى بالسماح بضربك بنص قرآني حينما قال: "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ
فقلت له أمهلني اسبوعاً حتى أتأكد من الإجابة و سأجيبك إن شاء الله
ثم ذهبت إلى القرآن الكريم فرأيت بأن كلمة الضرب لها معان متعددة فقد وردت كلمة الضرب بمشتقاتها ما يقارب ستين مرة في القرآن الكريم ، و رسول الله الذي يكرم ابنته بتقبيل يدها حتى قال عنها أم أبيها و الإسلام الذي يحرض على الرأفة حتى بالحيوانات يستحيل أن يأمر الرجل بضرب زوجته.
فإذن ماذا تعني كلمة الضرب هنا؟ هل هي بنفس المعنى المتعارف عليه اليوم أم لها معان متعددة؟ إقرأ معي أعجوبة اللغة العربية في التعبير القرآني
المعنى الأول و الأكثر تداولا في القرآن الكريم جاء في ضرب الأمثال مثل قوله تعالى : (ألم ترى كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة …)
( ضرب الله مثلا عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء) و عشرات الآيات الأخرى في "ضرب الأمثال" في القرآن بنفس المعنى. و هنا طبعا يستحيل أن يُراد من الضرب ما هو في أذهاننا من المعنى المتعارف عليه
و لكن هل هناك معنى آخر للضرب؟ اجل
المعنى الثاني بمعنى الجعل
وقال تعالى وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ﴿٦١ البقرة﴾
و هنا الضرب بعيد كل البعد عن التعنيف فهو بمعنى الجعل أي جُعلت عليهم الذلة والمسكنة
و هل من مزيد لمعنى كلمة الضرب في القرآن؟
المعنى الثالث: الضرب في الأرض أي السعي و العمل أو السفر (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ ﴿٢٧٣ البقرة﴾
وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴿20 المزمل﴾
وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ﴿١٠١ النساء﴾
إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ﴿١٠٦ المائدة﴾
و لكن هذا ايضا لا ينطبق على آيتنا التي نريد تفسيرها فهل هناك معنى أخر؟
المعنى الرابع بمعنى العزل و الحَجب أو الفصل
فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ ﴿13 الحديد﴾ أي عزلناهم بسور
فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ ﴿١٢ الأنفال﴾ أي إفصلوا عنقهم عن جسدهم
وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ﴿31 النور﴾ أي يحجبن و يسترن
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ ﴿5 الزخرف﴾ أي أبعدناهم عن الذكر بسبب فسادهم في الأرض
فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ﴿11 الكهف﴾ أي منعنا و حجبنا آذانهم عن السمع
فحسب الظاهر المعنى اقرب إلى الإنعزال و الابتعاد عن المرأة الناشز لأن التدرج في الآية واضح للإصلاح و ليس للانتقام
ثم إن الضرب حتى في زماننا هذا أحيانا يأتي بمعان مختلفة مثل: إضراب عن الطعام و إضراب العمال عن العمل
كلها بمعنى الابتعاد و التوقف عن العمل و التوقف عن الأكل
و اما الضرب المتداول حالياً فقد ورد بكلمات مختلفة بالقرآن مثل قوله تعالى
(فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم) الذاريات 29 أي لطمت وجهها
(فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ) يعني أعطاه ضربة نقلته إلى الآخرة ههههه
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴿٢ النور﴾
و من الواضح أن الكلمة إذا كانت لها معان متعددة فلا يمكن الحمل على معنى من المعاني إلا بدليل قاطع يثبت ذلك
و لو تأملنا في القرآن لعلنا نجد أمورا أخرى كثيرة و لكن لإيجاز البحث نكتفي إلى هنا فلو رأيت البحث مفيداً أرسله إلى من تحب بقلم هدى الخاقاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق