مثل كل مرة سنجعل القرآن الكريم هو الحكم
أولاً لنرى ما هي أدلة الذين يقولون بعذاب القبر:
* دليلهم الأول قال تعالى-النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ
هنا يستدلون أن النار يعرضون عليها غدواً و عشياً هي في القبر.
الرد على الآية الأولى: الغدو و العشي هي من لوازم عالم الدنيا فلا يوجد غدو و عشي في القبر فالعذاب المراد منه هنا في الدنيا لقوله تعالى في الآية التي تسبقها :
فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ،٤٥
فهنا يتوعد الله فرعون و جماعته بالعذاب اليومي بالغدو و العشي في الدنيا ، ثم يأتيهم العذاب الثاني في الآخرة. أي خسروا الدنيا و الآخرة و لا تدل ابداً على عذاب القبر.
* دليلهم الثاني: وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ
هنا أيضا لا دليل على أن العذاب في القبر و قد اختلف فيه المفسرون فصاروا ثلاثة فرق قال البعض القبر و قال البعض الجوع و قال البعض المشاكل الدنيوية الكثيرة و لا توجد أي دلالة من القرآن أن العذاب في القبر.
* دليلهم الثالث: وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة
هنا ايضا اختلف المفسرون بالعذاب الذي هو مرتين هل مرة في القبر و مرة في الدنيا أم مرة في الدنيا و مرة في الآخرة أم مرتين في الدنيا و مرة في الآخرة و لم يأت أحد من المفسرين بدليل قطعي أو نص في المقام و لكن كلها تفاسير شخصية ظنية و هذا سبب الإختلاف فيها و لان لا دليل قطعي عليها لا يمكننا أن نقول أين العذاب الذي هو مرتين.
* دليلهم الرابع: و هذا من احلى الأدلة الظاهرة التي لا شك فيها
وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ (154) و هذه الآية تشير بوضوح أن الأشخاص الذين يُقتلون في سبيل الله أحياء أي ذهبوا إلى الجنة مباشرة و تؤكد هذا المعنى الآية التي خلفها بقوله تعالى فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170).
رحمة الله تسبق غضبه فالذين يستشهدون في سبيل الله سيذهبون إلى الجنة مباشرة و لا يشير القرآن على أنهم في البرزخ فالبرزخ هو الحد الفاصل بين شيئين و ليس عالماً كاملا نعيش فيه و لهذا لم تأتي أي اية تشير بأنه عالم بل الآيتين في القرآن تشير أن البرزخ فاصل بين شيئين.
قد وردت كلمة البرزخ في القرآن الكريم ثلاث مرات:
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٠٠ المؤمنون﴾
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ(19)بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ﴿٢٠ الرحمن﴾
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا ﴿٥٣ الفرقان﴾
كما ترون في الصورة لا يوجد الا حد فاصل ما بين البحرين و قد جعل الله هذا مثالا واضحاً لنا لنفهم البرزخ من القرآن الكريم بدون تفسير المفسرين
* دليلهم الخامس:حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } [المؤمنون 99 - 100] .
أما هذه الآية لا تدل على شهوده عذاب القبر . هي تقول جائه الموت و لم يأخذه الموت و هي تشبه ما قاله الله تعالى عن فرعون عندما عرف بأنه سيغرق و جاءه الموت( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) ﴿٩٠ يونس﴾ فالجميع و حتى الملحد بقرارة نفسه يعلم بوجود الله و لهذا عندما تنقطع السبل و يوقن بموته حتى فرعون يلجأ إلى الله.
أما الآيات القرآنية التي تشير أن الحساب واحد في يوم واحد و لا يوجد حسابين فهي كالتالي:
وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) أي تعلم النفس ما قدمت وما أخرت في يوم الحساب بعد أن بُعثرت القبور.
{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} حتى من يؤذي الله و رسوله يلعنه الله و يأتيه العذاب في الدنيا و الآخرة و ليس القبر.
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴿٤١ ابراهيم﴾ طلب ابراهيم عالغفران فقط ليوم الحساب و لو كان هناك حساب في القبر لطلب الغفران في البرزخ ايضا.
هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴿٥٣ ص﴾ الوعد في يوم الحساب
وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ﴿٢٧ غافر﴾ ايضا فقط يوم.
وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) فالله يؤخر حتى الظالم ليوم الآخرة.
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )و هنا ايضا الآية صريحة أنكم توفون أجوركم يوم القيامة و ليس قبلها.
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) واضحة الآية بأن رؤية الأعمال إنما هي في يوم الحساب
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ واضح أنه لم يعلم حسابه قبل الآخرة و لم يستلم أي شيء في القبر
أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ ) البقرة ٨٥
أيضا خزي في الدنيا و عذاب في الآخرة ولا وجود لعذاب القبر
و عشرات الآيات الأخرى التي تشير بأن الحساب كله في يوم واحد و لو كانت مرة في القبر و مرة في الآخرة لما أكد عليها القرآن الكريم كل هذا التأكيد أنه يوم واحد.
و هناك آيات أخرى تشير بوضوح أكثر أن أغلب البشر يقوم يوم الآخرة و كأنه كان في رقاد أي شبه نائم مثل قوله تعالى:
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ (51) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)
النفخ في الصور هو نفخة البعث لموقف القيامة فردت أرواحهم إلى أجسادهم
فيجلسون متسائلين من الذي بعثنا من مرقدنا فيأتيهم الجواب هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون. فلو كانوا قد عُذبوا في القبر لما قاموا متسائلين و واضح أنهم من الأشرار لقولهم يا ويلنا.
و أما الروايات التي تقول بأن الصحابة سمعوا أصواتاً و سألوا الرسول ما هذه الأصوات فقال لهم الرسول (ص) هذه أصوات الموتى يُعذبون فهي تنافي قول الله تعالى وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا ﴿98 مريم﴾ الركز هو الصوت الخفي يعني لا تستطيع أن تسمع لهم صوتا ابداً فالرواية بالتأكيد غير صحيحة لأنها تخالف نص القران
و هناك بعض الأدلة العقلية التي تنفي عذاب القبر:
أولاً: الإنسان لا ينقطع عمله وقت مماته فلكل عمل آثار و الله سيحاسب في يوم القيامة على العمل و على آثاره لقوله تعالى :إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمْ ۚ
و هذه الآثار قد تكون سيئة أو حسنة مثل من يُخلّف ولداً صالحاً أو علماً نافعا أو صدقة جارية فتأتيه الخيرات و الثواب حتى بعد وفاته و من يُخلّف بدعة أو ضلالة يأتيه العقاب على كل من ضل بواسطته حتى بعد مماته فكيف يبدأ الحساب في القبر و آثار و تبعات عمله لم تنتهي.
ثانياً: هناك من يموت في البحر و من تأكله الطيور و الحيوانات أو كمن ماتوا بالقنابل فتفتت أجسامهم إلى ذرات مثل القنابل النووية التي قتلت الكثيرين و لم يُدفنوا لعدم وجود جسم متبقي فكيف بحساب هؤلاء و لا قبر لهم .
ثالثا: هناك من مات من زمان آدم عليه السلام و من مات في آخر الزمان قبل البعث بلحظات (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّـهُ).[٢ فبدأت في زمانه علائم الساعة و لم يُدفن فكيف أحدهم يُعذب بالقبر و الآخر لا لأنه لم يدفن أساسا بل صار البعث على زمانه.
الإستنتاج الأخير: هناك الشهداء والصديقون والأنبياء الذين يذهبون مباشرة إلى الجنة ، لأن الله لا يؤجل رحمته و لكن يؤجل عقابه و لا دليل على أنهم في البرزخ أصلا بل هم في الجنان . و لو بالفرض و التقدير وُجد عذاب في القبر فهو للأشرار مع أنني لم أجد كما ترون دليلاً قطعياً فهو لعله لمن ذهب إلى الله بصحيفة سوداء كاملة أي لا يحتاج حتى إلى الحساب.مع اننا قد ذكرنا بأن الله لا يعذب حتى الظالم في القبر لقوله ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) و ذكرنا بأن الذي يؤذي الله و رسوله أيضا ملعون في الدنيا و مؤجل عذابه إلى يوم الحساب فالله يؤخر حتى هؤلاء ليوم الآخرة. و الله تعالى أعلم
توجد خطب للإمام علي عليه السلام عن الموت لو أحببت يمكنك ايضا مراجعتها و سترى بأنها لا تتكلم عن عذاب القبر ابداً.
لو رأيت البحث مفيداً أنشره فقد جعل بعض العلماء الإسلام و كأنه دين الرعب و العذاب، يخوّفون به البشر و هو دين الأنبياء جميعا كله رحمة و سلام.
و بالأخير أدرجت لكم كلمات الإمام علي عليه السلام في غمرات الموت و أيضا بعد الدفن يشير الى قيام الساعة بدون عذاب القبر
فَغَيْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهمْ: اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِمْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ وَحَسْرَةُ الْفَوْتِ، فَفَتَرَتْ لَهَا أَطْرَافُهُمْ، وَتَغَيَّرَتْ لَهَا أَلْوَانُهُمْ. ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ فِيهِمْ وُلُوجاً ، فَحِيلَ بَيْنَ أَحَدِهِمْ وَبَيْنَ مَنْطِقِهِ، وَإِنَّهُ لَبَيْنَ أَهْلِهِ يَنْظُرُ بِبَصَرِهِ، وَيَسْمَعُ بِأُذُنِهِ، عَلَى صِحَّةٍ مِنْ عَقْلِهِ، وَبَقَاءٍ مِنْ لُبِّهِ، يُفَكِّرُ فِيمَ أَفْنَى عُمْرَهُ، وَفِيمَ أَذْهَبَ دَهْرَهُ!وَيَتَذَكَّرُ أَمْوَالاً جَمَعَهَا، أَغْمَضَ فِي مَطَالِبِهَا، وَأَخَذَهَا مِنْ مُصَرَّحَاتِهَا وَمُشْتَبِهَاتِهَا، قَدْ لَزِمَتْهُ تَبِعَاتُ جَمْعِهَا، وَأَشْرَفَ عَلَى فِرَاقِهَا، تَبْقَى لِمَنْ وَرَاءَهُ يَنْعَمُونَ فِيهَا، وَيَتَمَتَّعُونَ بِهَا، فَيَكُونُ الْمَهْنَأُ لِغَيْرِهِ، وَالْعِبءُ عَلَى ظَهْرِهِ.وَالْمَرْءُ قَدْ غَلِقَتْ رُهُونُهُ بِهَا، فَهُوَ يَعَضُّ يَدَهُ نَدَامَةً عَلَى مَا أَصْحَرَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَمْرِهِ، وَيَزْهَدُ فِيَما كَانَ يَرْغَبُ فِيهِ أَيَّامَ عُمُرِهِ، وَيَتَمَنَّى أَنَّ الَّذِي كَانَ يَغْبِطُهُ بِهَا وَيَحْسُدُهُ عَلَيْهَا قَدْ حَازَهَا دُونَهُ!
فَلَمْ يَزَلِ الْمَوْتُ يُبَالِغُ فِي جَسَدِهِ حَتَّى خَالَطَ لِسَانُهُ سَمْعَهُ ، فَصَارَ بَيْنَ أَهْلِهِ لاَ يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ، وَلاَ يَسْمَعُ بِسَمْعِهِ: يُرَدِّدُ طَرْفَهُ بِالنَّظَرِ في وجُوهِهِمْ، يَرَى حَرَكَاتِ أَلْسِنَتِهِمْ، وَلاَ يَسْمَعُ رَجْعَ كَلاَمِهِمْ.
ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ الْتِيَاطاً بِهِ، فَقُبِضَ بَصَرُهُ كَمَا قُبِضَ سَمْعُهُ، وَخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِهِ، فَصَارَ جِيفَةً بَيْنَ أَهْلِهِ، قَدْ أوْحَشُوا مِنْ جَانِبِهِ، وَتَبَاعَدُوا مِنْ قُرْبِهِ.
لاَ يُسْعِدُ بَاكِياً، وَلاَ يُجِيبُ دَاعِياً.
ثُمَّ حَمَلُوهُ إِلَى مَخَطٍّ فِي الْأَرْضِ، فَأَسْلَمُوهُ فِيهِ إِلَى عَمَلِهِ، وَانْقَطَعُوا عَنْ زَوْرَتِهِ.
القيامة
حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، وَالْأَمْرُ مَقَادِيرَهُ، وَأُلْحِقَ آخِرُ الْخَلْقِ بِأَوَّلِهِ، وَجَاءَ مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا يُرِيدُهُ مِنْ تَجْدِيدِ خَلْقِهِ، أَمَادَ السَّماءَ وَفَطَرَهَا وَأَرَجَّ الْأَرْضَ وَأَرْجَفَهَا، وَقَلَعَ جِبَالَها وَنَسَفَهَا، وَدَكَّ بَعْضُهَا بَعْضاً مِنْ هَيْبَةِ جَلاَلَتِهِ وَمَخُوفِ سَطْوَتِهِ، وَأَخْرَجَ مَنْ فِيهَا، فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلاَقِهمْ ، وَجَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفْرِيِقِهِم، ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِمَا يُريدُهُ مَنْ مَسْأَلَتِهِمْ عَنْ خَفَايَا الْأَعْمَالِ وَخَبَايَا الْأَفْعَالِ، وَجَعَلَهُمْ فَرِيقَيْنِ: أَنْعَمَ عَلَى هؤُلاَءِ وَانْتَقَمَ مِنْ هؤُلاَءِ.
فَأَمَّا أَهْلُ الطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِهِ، وَخَلَّدَهُمْ في دَارِهِ، حَيْثُ لاَ يَظْعَنُ النُّزَّالُ، وَلاَ تَتَغَيَّرُ بِهِمُ الْحَالُ، وَلاَ تَنُوبُهُمُ الْأَفْزَاعُ... هذه كلمات من الخطبة ١٠٩ لها تكملة لو أحببت قراءة الباقي ابحث في نهج البلاغة و شكرا لكم
هدى الخاقاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق