الأغلب سيقولون بأننا سنأخذ بالقرآن و لا يهمنا من قال الرواية فالقرآن هو الأهم و هناك أقلية يقولون إن الصحاح هي كالقرآن و سنبحث عن مبرر لها و يفسرونها بطريقة ملتوية و يدافعون عن الرواية وكأنها دفاع عن الرسول (ص) و يأخذون بأحكام الصحاح و كأنها أهم من القرآن.
تعالوا أقول لكم من أين جائت الروايات المدعى في حقها أنها من الصحاح:
يذكر التأريخ أن المنع لكتابة سنة الرسول( ص) بدأ من زمن أبي بكر و لذا أبوبكر أتى ب ٥٠٠ حديث من أحاديث الرسول و حرقها, السند: قالت عائشة : جمع أبي الحديث عن رسول الله (ص) فكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلة يتقلب كثيرا ، قالت : فغمني ، فقلت : تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك ، فلما أصبح ، قال : أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فأحرقها. المتقي الهندي - كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 285 / 286 ) و سند آخر الذهبي - تذكرة الحفاظ = طبقات الحفاظ للذهبي
الطبقة الأولي من الكتاب - أبو بكر الصديق (ر)
الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 9 > 11 ) و سند آخر عبد الغني، حجيّة السنة، ص 394.
و أما منع تدوين الحديث فترة عمربن الخطاب فلا تحتاج إلى دليل و كلمته شهيرة "حسبنا كتاب الله"
و قال العسقلاني فتح الباري، ج 1، ص 6. أنه لم يُكتب أي حديث في القرن الأول الهجري حتى نصف القرن الثاني.
سؤال: لماذا منعوا كتابة الحديث:
زعموا أنَّ النهي عن التدوين جاء لجهل الصحابة بالكتابة و خوفهم من اختلاط القرآن بالروايات
المصدر:ابن قتيبة، تأويل مختلف الحديث، ص 287.؛ ابن حجر العسقلاني، هدي الساري، ص 4.؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 18، ص 541.
و علل أبو بكر ذلك بأنَّ الرواة بعد رحيل النبي (ص) تحدثوا بأحاديث اختلفوا فيها، والناس بعدهم أشد اختلافا، فنهاهم عن الحديث وأوصاهم بأنَّ من يسألهم أن يقولوا لهم بيننا وبينكم القرآن، فاستحلّوا حلاله وحرّموا حرامه. عبد الغني، حجيّة السنة، ص 394.
ورفعَ الحظر عن كتابة الروايات عمربن عبدالعزيز بعد ٨٠ سنة من وفاة الرسول حينما لم يبق من أصحاب الرسول أحد
لكن عليك ان تعلم أنه ما كُتب كتاب يتحدث عن السنة النبوية على عهد عمربن عبدالعزيز بل أول كتاب كتبوه هو كتاب البخاري سنة ٢٣٢ هجرية أي بعد وفاة الرسول ب ٢٢٠ سنة تقريباً
أولاً الأمر المهم الذي يجب أن ننتبه له أن البخاري يقول بأن الروايات التي جمعها وصلت إلى ستمائة ألف حديث و واضح أنه إجتهد برأيه الخاص و أبقى من الروايات التي وصلت له أقل من واحد بالمائة فقط!
إن أحاديث البخاري بلغت على قول إبن الصلاح: 7275 حديثا مع الأحاديث المكررة ومع حذف الأحاديث المكررة فإن الأحاديث تكون 4000 آلآف حديث على قول النووي، ولكن إبن حجر يخالف النووي ويقول: إنها2761 حديث فقط.
ثانياً من قال بأن البخاري معصوم من الخطأ في طرحه لتسعة و تسعين بالمائة من الأحاديث التي جمعها!؟ فاذن كان البخاري بحسب دعواه متيقناً أن فيها مئات الآلاف من الروايات الموضوعة فالبخاري كان يتهم الأمة الإسلامية و الرواة بالمائة تسعة و تسعين بأنهم كذابون و لهذا لم ينقلها.
ثم من قال بأنه معصوم كنبي من الأنبياء في اختياره لهذه الروايات التي اختارها و كتبها؟؟؟
و هكذا فعل مسلم فقد جمع خمسمائة ألف حديث و البعض قال ثلاث مائة ألف ثم اختار منها 7275 بالمكرر وبحذف المكرر نحو (4000)
لكن لماذا حذف كل من صاحب البخاري و مسلم هذا الكم الهائل من الروايات و هي بمئات الآلاف ؟ و لم يضعا الأمر تحت رعاية لجنة من العلماء لكي يختاروا منها ما هو الصحيح بل اختار كل منهما اقل من واحد بالمائة لوحده و نسفا تراثا روائيا عظيما باجتهادهما الشخصي مع انهما ليسا بمعصومين و لكن قد جائت الأمة الإسلامية و تعاملت معهما و ما فعلا بالروايات معاملة الأنبياء و المعصومين بحيث كفروا كل من يتردد في صحة ما نقله الشيخان من الأخبار و هي بالمائة واحد .
دعني اسألك سؤالا: لو حدث حدث قبل ٨٠ سنة أي سنة ١٩٤٠ و لم تكن عندنا الجرائد و المطبوعات و التلفاز و غيره هل كنت ستعتمد على كلام يقوله لك شخص ما ؟!
لنكن واقعيين ، الحدث يحدث الآن و كل قناة تنقله بشكل مختلف،
الخطيب يصعد المنبر و كل شخص يفسر كلامه بعدما يخرج من المجلس بحسب وجهة نظره فيخرج هذا مادحا و ذاك مستهزءاً.
ضع مائة شخص في غرفة ثم اقرأ صفحة في أذن الشخص الأول ثم قل له ان يهمس الصفحة في أذن الثاني إلى أن يصل إلى الرقم مائة هل سيقول الشخص رقم مائة نفس الصفحة بلا خطأ من دون زيادة و لا نقصان؟ طبعاً لا! فكيف تثق بأشخاص كتبوا أقوال الرسول بكل هذه المجلدات حسب ذاكرتهم و من جيل إلى جيل بلا كتابة لأنها كانت ممنوعة بأوامر من ابي بكر و عمر و لم يعيشوا لا هم و لا أبائهم مع الرسول بل عاش أجدادهم قبل ٢٠٠ سنة هل يمكنك ان تثق أن الكلام الذي وصلك هو بالفعل من الرسول؟! إن قلت نعم نثق بهم فرجاء لا تقرأ الباقي فأنت عقلك متوقف تماماً و انا أكلم الأحياء من المسلمين لا الأموات.
و إن قلت لا؟ فهنا لدينا منهج: أن ننظر إلى الروايات التي وصلت و خاصة عن طريق عترة أهل البيت لأنهم الوحيدون الذين لم يمنعوا كتابة اقوال الرسول بل دونوها من جيل إلى جيل حتى وصلت إلينا فنأخذ بها إن وافقت كتاب الله و مشت على نهجه و سيره . لكن كيف بها اذا كانت مخالفة للقرآن؟؟ فهم قد أوصونا أن ننتبه ، فلعل الحديث قد كتبه المندسون و الرواة الوضاعون و الكذبة على الله و رسوله. فقد قال رسول الله (ص) إذا جاءكم حديث عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافق كتاب الله فاعملوا به وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الجدار .
وقد قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) عدة مرات: ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف.
وقال في أصول الكافي بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطب الناس بمنى فقال:
أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم عني يخالف كتاب الله فلم أقله.
فلدينا قاعدة علمنا اياها الرسول و عترته ألا و هي : (ما وافق كتاب الله نأخذ به و ما خالفه طرحناه و هو زخرف من القول)
لعلك تقول أنتم تلغون السنة بأكملها !!
لا طبعاً فالسنة شارحة في كثير من الأحيان لأحكام الله و مبينة لآيات الله و معاني كتاب الله و لا نستطيع أن نفسر الكثير من الأمور بدون السنة.
الاستنتاج الأخير: السنة الشارحة نأخذ بها و السنة المناقضة أو الناسخة للقرآن نبتعد عنها لأن الرسول لا يتكلم بما يناقض كتاب الله ، و قد دخلت على مر الأجيال الكثير من الروايات الموضوعة بواسطة المندسين و المنافقين و الإسرائيليات و لست أنا من أقول هذا و لكن اغلب العلماء قالوا به على مر التأريخ.
روي عن الحسن البصري انه قال: لو خرج عليكم أصحاب الرسول ما عرفوا منكم إلاّ قبلتكم العاملي، الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم، ج 1، ص 28. وحينما صلّى عمران بن الحصين خلف عليّ عليه السلام أخذ بيد مطرف بن عبد اللّه وقال: لقد صلّى صلاة محمد، ولقد ذكرني صلاة محمد.البيهقي، سنن البيهقي، ج 2، ص 68.
وقد روي عن الإمام مالك، عن محمد بن سهل بن مالك عن أبيه: أنّه قال: ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة.أنس، الموطأ، ج 1، ص 93.
إذا أردت أن تسمع الموضوع تستطيع سماعه على قناتي على اليوتيوب