بحث عن الغيبة عند علماء الإجتماع و علماء النفس و علماء الدين

 سنجيب اليوم عن تسعة أسئلة مهمة : 

أولاً: ما هي الدوافع النفسية وراء الغيبة برأي علماء الإجتماع؟

ثانياً: هل هناك آثار إيجابية تترتب على الغيبة في المجتمع؟!

ثالثا: ماذا تقول الدراسات في علم الاجتماع  عن الغيبة و الثرثرة؟

رابعاً: ما هي الدوافع النفسية وراء الغيبة في علم النفس ؟

خامساً: ما هي كلمات الرسول وأهل البيت عن الغيبة

سادساً: هل للغيبة أضرار دنيوية  أم فقط أخروية؟

سابعاً:ما هي الآيات في الغيبة و السخرية؟ 

ثامناً: هل توجد موارد تجوز فيها الغيبة احيانا؟

تاسعاً: هل نستطيع نحن كأفراد أن نقلل من الغيبة في المجتمع؟



يقول علماء الاجتماع في مجلة Psychological Science أن الناس يستغيبون على منصات التواصل يوميا و بشكل متكرر خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاهير و نحن عن طريق ما يتكلمون عنه نقيم مستوى و أولويات هذا المجتمع و ننظر كيف يفكرون و ما هو مستواهم العقلي وما هي إهتماماتهم.

يقول ليري و هو عالم الإجتماع: يمكنني أن أتعلم أشياء عن مواقفك ومعتقداتك وطرق التعامل مع الناس من خلال رؤية من وعن ماذا تتحدث عنه. 

يقول هذا العالم أن الغيبة قد تترتب عليها آثار ايحابية أحياناً !!! و هي تعطي التهديد بالإستبعداد للشخص من المجموعة فيبدأ بتحسين نفسه حتى لا يستغيبه الآخرون. هل برأيك كلامه صحيح؟؟؟ 

و يقول بأن من مذام الغيبة أنها تزيل الثقة ما بين أفراد المجتمع.


ثم قالوا بأن هناك دراسة تعطي الأسباب وراء الغيبة في المجتمعات و هي كالتالي:

١-  قال 42٪ من جيل الألفية (الذين ولدوا في الفترة ما بين 1981 و1996) أنهم يبنون علاقات في مكان العمل بواسطة الغيبة!! 😣

٢- قال 44٪ منهم أن الثرثرة و الغيبة في المكتب تخفف من ضغوط العمل. 😣

٣- قالت الدراسات أن 29٪ من الموظفين ذكروا أن الغيبة و الثرثرة هي المصدر الأساسي لمعرفتهم المعلومات و الأخطاء السابقة في مكان العمل حتى يتجنبوها. و هنا ان كان الشخص حقا يريد التجربة لا يحتاج إلى اسماء الذين أخطأوا حتى لا تكون غيبة و تكفيه التجربة. 


قال علماء النفس أن هناك اسباباً نفسية شخصية أيضا للغيبة و هي كالتالي:

١-الكبر الداخلي: المغتاب يُعطي إنطباع بأنه أفضل من الآخرين عندما يذكر بأنه لا يرتكب نفس خطأ فلان.

٢- الحسد : و هي لعلها أسوأ أنواع الغيبة فالمستغيب  يحاول التشهير بالمحسود لتنزيل سمعته و التشفي منه.

٣- الهزل: يذكر أخطاء الآخرين ليُضحك جماعته و أصدقائه.

٤- المجاراة  وهي لخشيته من نفرة الناس الذين يستغيبون إذا لم يجاريهم في الغيبة. و هذا يرجع إلى ثقافة المجتمع.

يقول والدي من أسباب الغيبة أيضاً

٥- الجبن: عندما يخاف الشخص أن يواجه الطرف الآخر لأنه أقوى منه منزلة او أقوى منه في ناحية من النواحي فيتكلم من وراء ظهره.

٦- الكذب على النفس: يقول والدي عندما  لا يحب الشخص أن يتذكر أخطاء نفسه و يشعر بشكل أفضل في الحياة يذكر أخطاء الآخرين ليرتاح نفسيا. يقول رأيت بالحياة أكثر الفاشلين أو الذين قد توقفوا في نفس المكان هم الأكثر غيبة للآخرين حتى لا يشعروا بالألم لعدم تطورهم  أو فشلهم يكذبون على أنفسهم و يضعون يد الملامة على الغير ليرتاحوا من ألم ملامة النفس.

٧- و يقول والدي أن القرآن يشبه المستغيب بآكلي لحم الميتة كالضباع و هي حيوانات حقيرة تنتظر الفريسة تموت ثم تهاجمها. و قال لي أيضا يجب أن نتأمل ما هي صفات هذه الحيوانات حتى شبه الله المستغيب بها في قوله ايحب احدكم ان ياكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه.

الإستنتاج : أن الغيبة ناشئة من مشاكل نفسية للفرد فإذا أحسسنا أننا نحب أن نستغيب يجب أن ننظر من أي واحدة من هذه المشاكل النفسية نعاني حتى نعالجها.

و هكذا من يستغيب بدلاً من مجاراته يجب أن ننظر من أي مشكلة يعاني هذا الشخص لنكون على حذر منه. فالذي يستغيب الآخرين سيستغيبنا يوماً بالتأكيد.

إذن الغيبة من الكبائر لأنها تدمر وحدة المجتمع و ثقتهم ببعضهم و تفكك تآلفهم إلى أطراف متعادية ببغض دفين ، و إذا سمع الطرف بأن فلاناً قد استغابه قد يبادله هو أيضا بالذم فيستأنس الشيطان هنا لأنه يحب العداوة و البغضاء فيكون من الذين وليهم الشيطان و العياذبالله. قال الإمام الصادق (ع) : «من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه ، وهدم مروته ، ليسقط من أعين الناس ، أخرجه الله تعالى من ولايته إلى ولاية الشيطان »  البحار: ٧٥ / ٢٥٤ / ٣٦


نكتة مهمة :جزاء الغيبة بالدنيا قبل الآخرة 


أنظر ماذا يقول رسول الله (ص) : «لا تطلبوا عثرات المؤمنين ، فإنه من تتبع عثرات المؤمنين تتبع الله عثراته ،ومن تتبع الله عثراته يفضحه ولو في جوف بيته» الكافي ج٢ ص ٣٥٥

توجد أيضا الكثير من الكلمات للمعصومين في ذم الغيبة نذكر فقط حديثين للإشارة:

قال رسول الله (ص): ترك الغيبة أحب إلى الله عز وجل من عشرة آلاف ركعة تطوعا ميزان الحكمة 6/503، برقم: 15583.

و قال الإمام علي (ع): (الغيبة آية المنافق) اي من صفات المنافقين الغيبة


الآيات التي جائت في موضوع الغيبة و السخرية: 

- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ الحجرات ١٢

- و قال تعالى (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون) النور ١٩ يجب الانتباه ان إشاعة الفاحشة من مصاديق الغيبة و لكن الغيبة أعم فقد نذكر شخصا مثلا بأنه بسيط و نريد بذلك انه ساذج فهنا المستغاب لم يفعل اي فاحشة او خطأ و لكن لان المتكلم يريد تنزيل الطرف الآخر يعتبر مستغيبا. 

- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ الحجرات ١١

 موارد جواز الغيبة : 

  • غيبة المظلوم للظالم لقوله تعالى : ﴿ لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ﴾ النساء ١٤٨

  • المتجاهر بالفسق فعن النبي (ص): من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له. السنن الكبرى للبيهقي 10/210.

  • الاستشارة : أن يستشيرك أحد ما بتزويج ابنته مثلا من فلان و أنت عارف أنه فاسق فهنا يمكنك أن تذكر مساوئه او تنصحه بعدم التزويج بدون ذكر المساوئ

  • الشهادة : أن يطلب الحاكم ان تشهد إذا رأيت فلاناً فاسقا بالعمل المحرم.

  • النهي عن المنكر: مثلا ان تذكر مساوئ الشخص إلى أبيه حتى يُصلحه.

هل نستطيع نحن كافراد أن نقلل من الغيبة في المجتمع؟

علينا أن نتوقف عن الغيبة فهي إصدار أحكام على الآخرين من دون العلم بما مروا فيه لعلنا لو كنا مكانهم سنفعل كما فعلوا

ثانياً عندما يذم أحدهم شخصاً و نحن جالسون نسأله أسئلة مثل :  ماذا برأيك نستطيع أن نفعل كي نساعده ليتخلص من هذا الموضوع؟ حتى نبدأ بطرح حلول  بدلاً من تشجيعه بالفخر بذكر مساوئ الغير.

 فعن النبي (ص) أنّه قال: «من أغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره ولم ينصره خذله الله في الدنيا والآخرة. مكارم الأخلاق صفحة 444


و في الختام اقول إن نسيت شيئاً عن الغيبة فاكتبوه لي بالتعليق أبعدنا الله و إياكم عن مساويء الأخلاق و مذام الصفات و الأمراض النفسية الخفية و شكرا لكل من كمل الفيديو معاي للنهاية تحياتي و حبي لكم
كانت معاكم هدى الخاقاني 













ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لمن يشكك في الحج و أداء مناسكها قصة حقيقية للإمام الصادق و ابن ابي العوجاء

  قدم ابن ابي العوجاء مكة تمردا وإنكارا على من يحج، وكان يكره العلماءُ مجالسته ومساءلته لخبث لسانه وفساد ضميره، فأتى أبا عبد الله عليه السلا...

اخر المشاركات