من الناحية النفسية نستطيع أن نستنتج بعض النتائج أو الإحتمالات من شخصية ابليس: لنتعلم منها دروساً لحياتنا فلم يذكر الله ابليس في القرآن و في جميع الكتب السماوية الا و يريد منا أن نتعلم من قصة ابليس الدروس فما أخطأ فيه لعله حال أغلب البشر
النقطة الاولى قد يكون السلوك الظاهري المتمثل في العبادة قد أخفى عدم استقرار داخلي أو شعوره بالتفوق. وعندما واجه تحديًا لكبريائه (الأمر بالسجود لآدم)، انكشفت هذه النقطة الضعيفة الكامنة بشكل مفاجئ بحيث طلب التحدي و دخول النيران قبل أن يعرف حتى لماذا عليه ان يسجد فهو لم يسأل الله بل فقط اعترض على أمره.
و لهذا بعض الأحداث في الحياة تكشف وجوهاً كثيرة ما كنت لتعرف حقيقتها بدون تلك الأحداث.
النقطة الثانية: الصبر لمعرفة الحكمة
كثير من حقائق الأوامر و النواهي الإلهية نحن لا نعرف غاياتها كما لم يعرف الشيطان غاية و سبب طلب الله السجود لآدم و لكن لو صبر لعرف أن الله قد خلق آدم ليكون معلماً له ليساعده على النمو و التطور العقلي و كشف حجب لا يستطيع الوصول اليها لوحده و كذلك بالنسبة الينا لو نصبر قليلاً سنعرف غايات الأحداث و مجرياتها و غايات الأوامر بمرور الأيام الى أن تتجلى بالكامل في يوم القيامة.
النقطة الثالثة: الثقة بالله
اختبر الله الملائكة و الشيطان بالثقة ليرى هل وصلوا إلى مرتبة أن وثقوا بأن الأوامر الربانية لا تأتي من عبث؟ أم لا زالوا يشككون في علم الله و حكمته. فكّر في هذا الأمر ستراه ينطبق علينا ايضاً فكثير مما يحدث حولنا يُشعرنا بالآلام و لكن رب العالمين ينظر الينا ليرى هل نستسلم لقضائه وقدره أم نتكبر و نعتبر أنفسنا أعلم منه و العياذ بالله ، كما ظن ذلك إبليس.
النقطة الرابعة: الاستعلاء ورفض الآخر:
إبليس استعلى على آدم بناءً على نوع الخلق (النار مقابل الطين) ورفض الأمر الإلهي بناءً على هذا التمييز، مما يعلمنا أن التمييز والشعور بالتفوق يمكن أن يؤدي إلى العصيان والانحراف.
كما نرى حاليا الاستعلاء قد أوصل البعض الى قتل و ابادة شعب كامل لظنه أنه أفضل منهم.
النقطة الخامسة: العزة بالإثم:
إبليس لم يستغفر بعد معصيته بل أصر على خطئه لماذا؟ وكأنّه ظن أن الله هو السبب في أغوائه : (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) الكبرياء يُعمي حتى يصل الى مرحلة أن يُخطّيء حتى الله و يبرّيء نفسه.
النقطة السادسة: الحرية والمسؤولية:
إبليس استخدم حريته في الاختيار للتمرد على الله ورفض أمره، مما يذكرنا بأن الحرية تأتي معها مسؤولية كبيرة وأن لاختياراتنا عواقب يجب أن نتحملها.
النقطة السابعة :العبادة أوصلت ابليس إلى الكبرياء بدلاً من الخضوع. فظن نفسه عندما يعبد الله فهو يمن على الله بعبادته و لم يفهم مغزى العبادة التي هي له، ليتطور و يتعلم و يتأمل أكثر و ينطبق الأمر على البشر أيضا كمثال للعبادة الموصلة إلى الكبرياء نرى الخوارج الذين ظنوا أنفسهم أعرف و أرفع من أولياء الله لأنهم يحفظون القرآن و يصلّون إلى الصباح. و أمثالهم في التأريخ كثير.
النقطة الثامنة العمق الروحي مقابل الشكلية:
الأعمال الظاهرية كالصلاة والصيام قد لا تعكس دائمًا عمقًا روحيًا حقيقيًا إذا لم تكن مبنية على فهم وخشية حقيقيين. و يشير إلى ذلك القرآن الكريم بقوله :إنما يخشى الله من عباده العلماء.و لهذا ابليس لم يصل إلى مرتبة الخشوع الحقيقي لله فعبادته لعلها كانت مبينية على أسس غير سليمة فعلينا أن لا ننخدع بكثرة الصيام و الصلاة الظاهرية للبعض فقد تكون أسسها غير سليمة.
النقطة التاسعة الابتعاد عن الإفراط و التفريط:
فابليس مظهر من مظاهر الإفراط في العبادة العملية بلا عقل ثم التفريط بها.و قد رأيت تلك النماذج في الدنيا فكم من أشخاص يصلّون حتى صلاة الليل ثم بعد فترة تراهم شيوعيين أو كفار. كيف انقلبت أحوالهم بهذه الشدة الى الانحدار !!!
النقطة العاشرة: الفرق ما بين العلم و الحكمة
فابليس كان في الجنة و كان عالماً بكثير من الحقائق و لكن علمه لم يوصله الى الحكمة فالمدح في القرآن الكريم دائماً للحكمة
وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) , و لذا قد ترى البعض علماء لكن منافقين لأن قلبه لم يمتلئ بالحكمة و الإيقان و بقي العلم فقط على أطراف لسانه وعقله .
أتمنى لقلوبكم جميعاً علماً نافعاً يوصل الى الحكمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق