لمن يشكك في الحج و أداء مناسكها قصة حقيقية للإمام الصادق و ابن ابي العوجاء

 




قدم ابن ابي العوجاء مكة تمردا وإنكارا على من يحج، وكان يكره العلماءُ مجالسته ومساءلته لخبث لسانه وفساد ضميره، فأتى أبا عبد الله عليه السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه فقال: يا أبا عبد الله إن المجالس بالأمانات، ولابد لكل من به سعال أن يسعل أفتأذن لي في الكلام؟

فقال الصادق عليه السلام: تكلم بما شئت.

فقال: إلى كم تدوسون هذا البيدر، وتلوذون بهذا الحجر، وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب والمدر، وتهرولون حوله كهرولة البعير إذا نفر؟ إن من فكر في هذا وقدر عَلِم أن هذا فعل أسّسه غير حكيم ولا ذي نظر. فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه، وأبوك أسه ونظامه.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق ولم يستعذ به، وصار الشيطان وليه، يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره، وهذا بيت استعبد الله به عباده ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محل أنبيائه، وقبلة للمصلين له، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدي إلى غفرانه، منصوب على استواء الكمال، ومجتمع العظمة والجلال، خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام، فأحق من أطيع فيما أمر وأنتهي عما نهى عنه وزجر، الله المنشئ للأرواح والصور.


فقال ابن أبي العوجاء: ذكرت الله فأحلت على غائب.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: ويلك كيف يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليه أقرب من حبل الوريد، يسمع كلامهم ويرى أشخاصهم، ويعلم أسرارهم.

فقال ابن أبي العوجاء: فهو في كل مكان أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الأرض؟ وإذا كان في الأرض كيف يكون في السماء؟

فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما وصفت المخلوق الذي إذا انتقل من مكان اشتغل به مكان وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما حدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان

فلا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان.

فقام عنه ابن أبي العوجاء وقال لأصحابه: من ألقاني في بحر هذا؟. وفي رواية ابن الوليد: من ألقاني في بحر هذا، سألتكم أن تلتمسوا لي خمرة (الخمرة هي حصيرة و هو يقصد خصم يُداس بكل بساطة) فألقيتموني على جمرة. قالوا: ما كنت في مجلسه إلا حقيرا، قال: إنه ابن من حلق رؤوس من ترون.


نقاط مختصرة من قول الإمام الصادق (ع) لتسهيل التذكر:

  1. من أضله الله يعاني من عدم رؤية الحق.
  2. الاستعاذة بالله ضرورية للنجاة.
  3. الشيطان يُصبح ولي من يريد الضلالة.و سيقوده إلى طرق الهلاك دون فرصة للعودة.
  4. بيت الله مكان أُنشئ لاختبار طاعة العباد و تعظيم الله و هو محل أنبياء الله و قبلة للمصلين. الكعبة هي شعبة من رضوان الله. و طريق يؤدي إلى مغفرته. فيه من الكمالات المعنوية والاسرار الخفية حيث جعله محلا لقربه ورضوانه.
  5. خلق الله هذا المكان قبل دحو الأرض بألفي عام. و أشار الى أن الله هو المنشئ للأرواح والصور و هو أحق من يجب إطاعة أوامره و الإنتهاء من نواهيه.

بحار الأنوار الجزء الثالث صفحة ٣٣


لمن يشكك في الحج و أداء مناسكها قصة حقيقية للإمام الصادق و ابن ابي العوجاء

  قدم ابن ابي العوجاء مكة تمردا وإنكارا على من يحج، وكان يكره العلماءُ مجالسته ومساءلته لخبث لسانه وفساد ضميره، فأتى أبا عبد الله عليه السلا...

اخر المشاركات