ما هو "الظل" في القرآن؟

 ما هو "الظل" في القرآن؟



هل هو مجرد غيابٍ للضوء... أم كائنٌ يسجد لله؟!
هل الظل في الجنة يشبه ظل الأشجار، أم أنه ظلٌ من نور و كرامة؟
هل في الجنة ظلّ بلا شمس؟ وهل في النار ظلّ لا يُظلّ؟

هذه رحلة لغوية وروحية عبر آيات القرآن، نتأمل فيها كلمة "الظل" كما لم نرها من قبل…


الآيات التي وردت فيها كلمة الظل :

 المعنى الاول بمعنى البقاء و الاستمرارية

  •   وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴿٥٨ النحل﴾ بمعنى بقى و استمر وجهه بالسواد و كأنها كناية أن كرامته نزلت.

  •  وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـٰنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴿١٧ الزخرف﴾

  •  وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴿١٤ الحجر﴾

  • قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ﴿٩٧ طه﴾

  • إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ ﴿٤ الشعراء﴾ 

  • قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ ﴿٧١ الشعراء﴾

  • وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ ﴿٥١ الروم﴾

  • إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهْرِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿٣٣ الشورى﴾

  • لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴿٦٥ الواقعة﴾


المعنى الثاني: الظل في النار – عذابٌ بلا ستر

في هذه الآيات يظهر "الظل" كصورة خادعة لا تقي من لهب ولا تمنح راحة، بل تُمثّل انعدام الحماية والكرامة:



المعنى الثالث: الظل في الدنيا – النعمة والوقاية

الظل هنا يشير إلى الرحمة الإلهية الملموسة في حياتنا، التي تتجلّى في سكينة الغمام، أو ظلّ الجبال والأكنان:


  • أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ﴿٤٥ الفرقان﴾ 

  • وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ ﴿٥٧ البقرة﴾ 

  •  ۖ قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ ۚ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ ... ﴿١٦٠ الأعراف﴾

  • وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ ﴿٨١ النحل﴾

  • فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴿٢٤ القصص﴾

الظل هنا يدل على اللطف، المأوى، والوقاية… هو وجهٌ من أوجه الرحمة الإلهية في الدنيا.


🔹 المعنى الرابع: الظل في الجنة – كرامة وظلالٌ من نور

الظل في الجنة ليس ماديًا فحسب، بل هو رمزٌ للراحة الأبدية والنعيم المقيم والكرامة الإلهية:


  • وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴿٥٧ النساء﴾ 

  • مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ۚ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا ۖ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴿٣٥ الرعد﴾

  • هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ﴿٥٦ يس﴾

  • وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ ﴿٣٠ الواقعة﴾

  • وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ﴿١٤ الانسان﴾

  •  إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ ﴿٤١ المرسلات﴾

الظل هنا ليس فقط حماية من حر، بل رمز دائم للكرامة الإلهية والنعيم المقيم.


 بعض التأملات الجميلة عن كلمة الظل في القرآن الكريم

وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ﴿٢١ فاطر﴾ يشير بشكل واضح أن الظل عكس الحرور و الحرور هو الحر المؤذي . فالظل كأنّه يشير الى مكان بجو مريح للنفس.


يسجد الظل لله؟! 

... وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ﴿١٥ الرعد﴾ 

 أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ ﴿٤٨ النحل﴾ 

عندما يتحرك الظلّ تبعًا للشمس، كأنه ينحني ويتغير خضوعًا لله، وهذا يُعدّ "سجودًا" بالمعنى الرمزي.

الآية توصل معنى عظيم:

أن كل شيء في الوجود، حتى ظلال الأجسام، تشهد لعظمة الله، وتخضع له بطريقة ما.

والمعنى أعمق من الحركة الفيزيائية، بل فيه إشارة إلى خضوع القوانين الكونية كلها لله، ومن ضمنها الظل، الذي يتبع مسارات منضبطة بأمر الله.

الظل ليس مجرد غياب الضوء، بل كائن مخلوق يُنسَب إليه السجود!

في هذه الآية، كأن الله يقول لنا:

"حتى إن لم تسجد، فسجودك حاصل من خلال ظلك... لأن كل شيء فيك خاضع لي و لقوانيني."

وكأن ظل الإنسان أكثر خضوعًا من الإنسان نفسه
فتأمل هذا العمق.

هل أنت ممن يحب الغوص في أسرار القرآن واللغة؟

القناة تقدم لك مادة بحثية وأدبية وروحية متجددة كل أسبوع.

اشترك معنا وكن جزءًا من هذا المشروع المعرفي القرآني.

لعلّ آية واحدة تُبدّل يومك، وتُنير دربك.

بقلم هدى شبيري الخاقاني



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما هو "الظل" في القرآن؟

  ما هو "الظل" في القرآن؟ هل هو مجرد غيابٍ للضوء... أم كائنٌ يسجد لله؟! هل الظل في الجنة يشبه ظل الأشجار، أم أنه ظلٌ من نور و كر...

اخر المشاركات